خلفــــــــاء محمـــــــد علـــــــى
عمد محمد على بعد معاهدة لندن إلى تجنب النفوذ الأجنبي ووضع يده على
المواصلات التي أنشأتها الشركات الإنجليزية و خلفــاء محمـــــد علـــــى
--------------------------------
عمد محمد على بعد معاهدة لندن إلى تجنب النفوذ الأجنبي ووضع يده على
المواصلات التي أنشأتها الشركات الإنجليزية وجعلته يتحاشى إنجلترا بفرنسا
وفرنسا بإنجلترا محاولا التخلص منهما جميعا، بل إن محمد على عارض شق "قناة
السويس" حتى لا يمكّن بريطانيا من السيطرة على مصر، وتكشف عن ذلك محاوراته
مع القنصل الفرنسي بينيدتى، ففي مذكرة الأخير المؤرخة في أول مارس 1843،
شرح لحكومته معارضة محمد على : " يرتاب في إستدعاء الأوروبيين إلى مصر
ويظن أنه حالما يفتح البرزخ فسوف يتعاظم إشتهاء إنجلترا في تملك
إمبراطوريته، وفي ختام الأمر فانه يرتاب في عدم كفاية قواته العسكرية
للدفاع عن موضع هام للغاية، وعدم كفاية موارده المالية لتنفيذ مشروعات
جديدة كبيرة ". والواقع انه إبتداء من معاهدة لندن في 15 يوليو 1840 بين
النمسا وبريطانيا العظمى وبروسيا وروسيا من ناحية وجناب الباب العالي "
السلطان العثمانى " من ناحية أخرى، يدخل تاريخ المجتمع المصري في إطار
الإستعمار ثم الإمبريالية، وكانت الحكومة البريطانية هي التي تحرك خيوط
المؤامرة في نطاق التقارب بين إنجلترا وروسيا، و ذلك لأنهم رأوا أن
إحتكارات محمد على تمثل حجر الزاوية في قوته الإقتصادية . وتلك القوة يجب
وضعها في الإطار العام لإنجازات محمد على، فكان التصنيع وهيمنة الدولة على
مختلف النشاطات الإقتصادية - الإحتكارات - ، في خدمة الجيش الرابض على
حدود الإمبراطورية من اليمن إلى السودان، ولكن الموقف تغير تماما بصدور
مرسوم 13 فبراير 1841 الذي إستهدف الجيش المصري - مباشرة - فقضى بتقليصه
إلى 18 ألف جندى بالإضافة إلى 2000 متدربين في تركيا.
ولم يبق أمام محمد على بعد القضاء على الإحتكارات إلا أن يتقرب من الباب
العالي بهدف إيقاف الضغط الأوروبي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن يفتح
أبواب مصر للتجارة الحرة، وقد كان، ففتحت مصر أبوابها للبضائع الأوروبية
وسرعان ما قلّت قدرة الصناعات المحلية على مواجهة هذه المنافسة التي لم
تكن منتظرة قبل عام 1838، ولم تستطع هذه الصناعات المحلية الإستمرار بعد
وفاة محمد على، وهكذا أصبح الباب مفتوحا أمام التدخل الأجنبي.
وقد سار إبنه إبراهيم الذي خلفه لفترة قصيرة " من إبريل إلى نوفمبر 1848" في نفس الطريق حتى وفاته في 10 نوفمبر عام 1848.
وأتى عباس الأول "1849 - 1854" بعدهما، فإقتدى بذلك، وكان يؤمن بسلامة هذه
السياسة، بل أنه أنقص الجيش، وأزال ما كان يقوم على هامشه من منشآت، وأقفل
ما وجد من مدارس، وهدم الأسطول الذي كان يصل البلاد بالخارج/ وفرض القيود
على الأجانب المقيمين، لتصبح سياسة عباس الأول في النهاية "عقلية إيقاف من
نوع سلبي للتدخل الإقتصادي الأوروبي" ، ورغم ذلك إستطاعت الدول الأوروبية
زرع قناصلها في مصر كطلائع للتدخل، وفي عهده تقلص النفوذ الفرنسي وأصبحت
المصالح الإنجليزية في وضع أفضل مما كانت عليه من قبل، وكان عهد عباس
الأول خلوا من أعمال النهضة والعمران بإستثناء إنشاء السكة الحديد بين
القاهرة والإسكندرية وإصلاح سكة السويس الحجرية.