قبل سنوات غير بعيدة وتحديدا في بداية التسعينيات لم يكن يزيد راتب المدرب الوطني علي آلاف قليلة لا تتخطي أصابع اليد الواحدة.. ولم يكن يحلم خلالها المدربون بما هو أكثر وأعلي حتي جاء عبدالمنعم عمارة رئيس المجلس الأعلي للشباب والرياضة السابق فقرر المساهمة في تحمل تكاليف المدرب الوطني مثل المدرب الأجنبي وحدد للأول عشرة آلاف جنيه شهريا كدعم لأندية الدوري الممتاز في رواتب مدربيها.
وأدي قرار الدكتور عبدالمنعم عمارة لأن يقفز راتب كل المدربين الوطنيين ليصبح12 ألف جنيه علي الأقل وباتت هذه هي التسعيرة والحد الأدني ولم تمانع الأندية علي اعتبار أنها لا تتحمل الكثير شهريا.. ولكن تفجرت المشكلة بعد سنوات قليلة من قرار رئيس المجلس الأعلي للشباب والرياضة السابق حيث جاء الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء الأسبق ليسحب الدعم ويجمده.والمشكلة لم تكن في قرار سحب الدعم ولكن تمثلت في أن كل المدربين رفضوا تخفيض رواتبهم واحتفظوا بها وتمسكوا بالمكاسب التي حصلوا عليها ليس ذلك فقط بل أنهم راحوا يغالون في رواتبهم وطلباتهم المالية لتشهد الرواتب قفزة عالية غير عادية باتت تستنزف ميزانيات الأندية ليبقي السؤال الذي يفرض نفسه هل يستحق المدربون ما يحصلون عليه من أجور عالية أم أن الأمر لا يخرج عن كونه ليس أكثر من شطارة في التفاوض وقدرة علي التسويق وسوء فهم من مسئولي الأندية الكبيرة التي ترضي وترضخ لجميع الشروط طالما أنهم لا يدفعون من جيوبهم الخاصة.وإذا كان في كل موسم يفتح الكثيرون ملف عقود اللاعبين وأجورهم السنوية وأحقيتهم من عدمها في الحصول عليها وتقاضي المبالغ الضخمة التي ينالونها.. فلماذا لم يتحدث أحد عن المدربين الذين أصبحت رواتبهم لا تقل عن اللاعبين.
والأسابيع القليلة الماضية قفزت بملف أجور المدربين إلي السطح خاصة الأسبوع الماضي من عمر مسابقة الدوري العام الذي شهد سقوطا ذريعا ومدويا للمدربين أصحاب الرواتب الفلكية أو علي الأقل الأعلي بين أندية المسابقة.وبعد إقالة طه بصري من الإسماعيلي الذي كان يحصل علي50 ألف جنيه شهريا ونال مقدما عند التوقيع مائة ألف جنيه.. جاء حلمي طولان المدير الفني للمصري الذي يتقاضي نفس الراتب ليقدم استقالته بعد خسارة فريقه من الترسانة وتذيله لترتيب الدوري العام برصيد ست نقاط.. والمثير أن نصفهم جمعهم من أسمنت السويس الذي يشاطره مؤخرة الدوري.. ولكن يتميز أنه المدرب الوحيد في تاريخ المسابقة من المحليين الذي حصل علي راتب أربعة أشهر عند توقيع العقد بما يوازي200 ألف جنيه.
الوهم
وبعد مضي تسعة أسابيع من مسابقة الدوري العام تفجرت ظاهرة غريبة وجديدة وهي أن كل المدربين الذين تتدني أجورهم وتقل عن30 ألف جنيه هم الذين يتألقون ويتفوقون ويثبتون جدارتهم.وليست هذه هي الظاهرة الوحيدة وإنما هناك ظاهرة أخري غاية في الأهمية وهي أن هذا الموسم شهد انهيارا وتراجعا في أسهم مدربي جيل السبعينيات الذين تألقوا خلال هذه الحقبة كلاعبين لصالح نجوم التسعينيات والثمانينيات.. فهل يكون هذا الموسم بداية لوراعهم لمهنة التدريب علي المستوي المحلي علي الأقل مثلما يغيب جيل الستينيات.وتحولت الرواتب الضخمة للمدربين إلي ما يشبه اللعنة التي تطاردهم فأنور سلامة المدير الفني لإنبي الذي يحصل علي50 ألف جنيه شهريا وهو واحد من جيل السبعينيات مازال غير قادر علي اثبات وجوده وسط نجوم التدريب الجدد أمثال مختار مختار وطلعت يوسف ومحمد فايز وطارق يحيي وصبري المنياوي وعلاء نبيل ومحمد حلمي وكلهم يتفوقون عليه في النقاط رغم أن ما يحصلون عليه يتراوح ما بين سبعة آلاف إلي25 ألف جنيه.ويحتل أنور سلامة المركز رقم13 في مسابقة الدوري برصيد تسع نقاط وهو معدل سيء جدا للغاية قياسا بحجم الإمكانات التي وفرتها إدارة إنبي له وما يملكه من لاعبين أكفاء.. واللافت للنظر أن كل الأندية التي تلي انبي في الترتيب حتي الأسبوع التاسع فإن مدربيها هم الذين ينالون أعلي أجور في المسابقة مثل الاتحاد السكندري الذي يحصل مديره الفني محمد صلاح علي25 ألف جنيه صافية بدون ضرائب ولم يجمع الفريق إلا سبع نقاط فقط.. وبعده المصري وله ست نقاط قبل أن يتقدم حلمي طولان باستقالته ثم أسمنت السويس الذي يدربه عبدالعزيز عبدالشافي وينال30 ألف جنيه.
والمثير أن الرباعي انبي والاتحاد والمصري وأسمنت السويس هم أكثر الأندية تعاقدا مع لاعبين جدد وانفاقا علي الصفقات الجديدة.. ولكن كانت المحصلة لا شيء.. والأكثر اثارة أن الترسانة الذي يسبق الرباعي في الترتيب برصيد عشر نقاط كانت عروضه في الموسم الماضي رائعة مقارنة بما قدمه في التسعة أسابيع الماضية من عمر الموسم الحالي حينما كان ينال فاروق جعفر25 ألف جنيه فقط ولكن ه عندما زاد هذا الموسم تراجع الفريق وكأنه أصابته لعنة زيادة المرتب.
والجديد أن طلعت يوسف المدير الفني لطلائع الجيش الذي يتصدر قائمة ترتيب الدوري العام وقدم عروضا رائعة خلال الأسابيع الماضية للمسابقة وله22 نقطة لا ينال إلا20 ألف جنيه ليس ذلك فقط بل ان مختار مختار المدير الفني لبتروجيت الذي يحتل فريقه المركز الثاني برصيد19 نقطة وصنع مع فريقه ما تخطي المتوقع ويكفيه أنه أقوي خط هجوم ومن لاعبيه هداف الدوري علاء إبراهيم يحصل علي25 ألف جنيه شهريا.
زمالك على طول